سورة النساء - تفسير تفسير البيضاوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النساء)


        


{إِنَّ الله لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} لا ينقص من الأجر ولا يزيد في العقاب أصغر شيء كالذرة، وهي النملة الصغيرة. ويقال لكل جزء من أجزاء الهباء، والمثقال مفعال من الثقل، وفي ذكره إيماء إلى أنه وإن صغر قدره عظم جزاؤه. {وَإِن تَكُ حَسَنَةً} وإن يكن مثقال الذرة حسنة وأنت الضمير لتأنيث الخبر، أو لإضافة المثقال إلى مؤنث. وحذف النون من غير قياس تشبيهاً بحروف العلة. وقرأ بن كثير ونافع {حَسَنَةٌ} بالرفع على كان التامة. {يضاعفها} يضاعف ثوابها وقرأ ابن كثير وابن عامر ويعقوب يضعفها وكلاهما بمعنى. {وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ} ويعط صاحبها من عنده على سبيل التفضل زائداً على ما وعد في مقابلة العمل {أَجْراً عَظِيماً} عطاء جزيلاً، وإنما سماه أجراً لأنه تابع للأجر مزيد عليه.


{فَكَيْفَ} أي فكيف حال هؤلاء الكفرة من اليهود والنصارى وغيرهم؟. {إِذَا جِئْنَا مِن كُلّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ} يعني نبيهم يشهد على فساد عقائدهم وقبح أعمالهم، والعامل في الظرف مضمون المبتدأ والخبر من هول الأمر وتعظيم الشأن. {وَجِئْنَا بِكَ} يا محمد. {على هَؤُلاء شَهِيداً} تشهد على صدق هؤلاء الشهداء لعلمك بعقائدهم، واستجماع شرعك مجامع قواعدهم. وقيل هؤلاء إشارة إلى الكفرة المستفهم عن حالهم. وقيل إلى المؤمنين كقوله تعالى: {لّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى الناس وَيَكُونَ الرسول عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الذين كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرسول لَوْ تسوى بِهِمُ الأرض} بيان لحالهم حينئذ، أي يود الذين جمعوا بين الكفر وعصيان الأمر، أو الكفرة والعصاة في ذلك الوقت أن يدفنوا فتسوى بهم الأرض كالموتى، أو لم يبعثوا أو لم يخلقوا وكانوا هم والأرض سواء. {وَلاَ يَكْتُمُونَ الله حَدِيثاً} ولا يقدرون على كتمانه لأن جوارحهم تشهد عليهم. وقيل الواو للحال أي يودون أن تسوى بهم الأرض وحالهم أنهم لا يكتمون من الله حديثاً ولا يكذبونه بقولهم {والله رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} إذ روي: أنهم إذا قالوا ختم الله على أفواههم فتشهد عليهم جوارحهم، فيشتد الأمر عليهم فيتمنون أن تسوى بهم الأرض. وقرأ نافع وابن عامر {تسوى بِهِمُ} على أن أصله تتسوى فأدغمت التاء في السين. وقرأ حمزة والكسائي {تسوى} على حذف التاء الثانية يقال سويته فتسوى.
{يَأَيُّهَا الذين ءامَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصلاة وَأَنتُمْ سكارى حتى تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ} أي لا تقوموا إليها وأنتم سكارى من نحو نوم أو خمر حتى تنتهوا وتعلموا ما تقولون في صلاتكم. روي أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه صنع مأدبة ودعا نفراً من الصحابة حين كانت الخمر مباحة فأكلوا وشربوا حتى ثملوا، وجاء وقت صلاة المغرب فتقدم أحدهم ليصلي بهم فقرأ: أعبد ما تعبدون. فنزلت. وقيل أراد بالصلاة مواضعها وهي المساجد وليس المراد منه نهي السكران عن قربان الصلاة، وإنما المراد النهي عن الإِفراط في الشرب والسكر، من السكر وهو السد. وقرئ: {سكارى} بالفتح وسكرى على أنه جمه كهلكى. أو مفرد بمعنى وأنتم قوم سكرى، أو جماعة سكرى وسكرى كحبلى على أنها صفة للجماعة. {وَلاَ جُنُباً} عطف على قوله: {وَأَنتُمْ سكارى} إذ الجملة في موضع النصب على الحال، والجنب الذي أصابته الجنابة، يستوي فيه المذكر والمؤنث والواحد والجمع، لأنه يجرى مجرى المصدر. {إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ} متعلق بقوله: {وَلاَ جُنُباً}، استثناء من أعم الأحوال أي لا تقربوا الصلاة جنباً في عامة الأحوال إلا في السفر وذلك إذا لم يجد الماء وتيمم، ويشهد له تعقيبه بذكر التيمم، أو صفة لقوله: {جُنُباً} أي جنباً غير عابري سبيل.
وفيه دليل على أن التيمم لا يرفع الحدث. ومن فسر الصلاة بمواضعها فسر عابري سبيل بالمجتازين فيها، وجوز الجنب عبور المسجد. وبه قال الشافعي رضي الله عنه. وقال أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه: لا يجوز له المرور في المسجد إلا إذا كان فيه الماء أو الطريق. {حتى تَغْتَسِلُواْ} غاية النهي عن القربان حال الجنابة، وفي الآية تنبيه على أن المصلي ينبغي أن يتحرز عما يلهيه ويشغل قلبه، ويزكي نفسه عما يجب تطهيرها عنه. {وَإِنْ كُنتُم مرضى} مرضاً يخاف معه من استعمال الماء، فإن الواجد كالفاقد. أو مرضاً يمنعه عن الوصول إليه. {أَوْ على سَفَرٍ} لا تجدونه فيه. {أَوْ جَاء أَحَدٌ مّنْكُمْ مّن الغائط} فأحدث بخروج الخارج من أحد السبيلين، وأصل الغائط المكان المطمئن من الأرض. {أَوْ لامستم النساء} أو ما مسستم بشرتهن ببشرتكم، وبه استدل الشافعي على أن اللمس ينقض الوضوء. وقيل: أو جامعتموهن. وقرأ حمزة والكسائي هنا وفي المائدة {لمستم}، واستعماله كناية عن الجماع أقل من الملامسة. {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء} فلم تتمكنوا من استعماله، إذ الممنوع عنه كالمفقود. ووجه هذا التقسيم أن المترخص بالتيمم إما محدث أو جنب، والحالة المقتضية له في غالب الأمر مرض أو سفر. والجنب لما سبق ذكره اقتصر على بيان حاله والمحدث لما لم يجر ذكره ذكر من أسبابه ما يحدث بالذات وما يحدث بالعرض، واستغني عن تفصيل أحواله بتفصيل حال الجنب وبيان العذر مجملاً فكأنه قيل: وإن كنتم جنباً مرضى أو على سفر أو محدثين جئتم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء {فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيّباً فامسحوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ}. أي فتعمدوا شيئاً من وجه الأرض طاهراً. ولذلك قالت الحنفية: لو ضرب المتيمم يده على حجر صلد ومسح به أجزأه. وقال أصحابنا لا بد من أن يعلق باليد شيء من التراب لقوله تعالى في المائدة {فامسحوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مّنْهُ} أي بعضه، وجعل من لابتداء الغاية تعسف إذ لا يفهم من نحو ذلك إلا التبعيض، واليد اسم للعضو إلى المنكب، وما روي أنه عليه الصلاة والسلام تيمم ومسح يديه إلى مرفقيه، والقياس على الوضوء دليل على أن المراد هاهنا {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المرافق}. {إِنَّ الله كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً} فلذلك يسر الأمر عليكم ورخص لكم.
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين أُوتُواْ} من رؤية البصر أي ألم تنظر إليهم، أو القلب. وعدي بإلى لتضمن معنى الانتهاء. {نَصِيباً مّنَ الكتاب} حظاً يسيراً من علم التوراة لأن المراد أحبار اليهود. {يَشْتَرُونَ الضلالة} يختارونها على الهدى، أو يستبدلونها به بعد تمكنهم منه، أو حصوله لهم بإنكار نبوة محمد صلى الله عليه وسلم. وقيل: يأخذون الرشى ويحرفون التوراة. {وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ} أيها المؤمنون. {السبيل} سبيل الحق.
{والله أَعْلَمُ} منكم. {بِأَعْدَائِكُمْ} وقد أخبركم بعداوة هؤلاء وما يريدون بكم فاحذروهم.
{وكفى بالله وَلِيّاً} يلي أمركم. {وكفى بالله نَصِيراً} يعينكم فثقوا عليه واكتفوا به عن غيره. والباء تزاد في فاعل كفى لتوكيد الاتصال الإِسنادي بالاتصال الإِضافي.
{مّنَ الذين هَادُواْ يُحَرّفُونَ} بيان للذين أوتوا نصيباً فإنه يحتملهم وغيرهم، وما بينهما اعتراض أو بيان لأعدائكم أو صلة لنصيراً. أي ينصركم من الذين هادوا ويحفظكم منهم، أو خبر محذوف صفته يحرفون. {الكلم عَن مواضعه} أي من الذين هادوا قوم يحرفون الكلم أي يميلونه عن مواضعه التي وضعه الله فيها بإزالته عنها وإثبات غيره فيها. أو يؤولونه على ما يشتهون فيميلونه عما أنزل الله فيه. وقرئ الكلم بكسر الكاف وسكون اللام جمع كلمة تخفيف كلمة. {وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا} قولك. {وَعَصَيْنَا} أمرك. {واسمع غَيْرَ مُسْمَعٍ} أي مدعوا عليك بلا سمعت لصمم أو موت، أو اسمع غير مجاب إلى ما تدعو إليه، أو اسمع غير مسمع كلاماً ترضاه، أو اسمع كلامًا غير مسمع إياك لأن أذنك تنبو عنه فيكون مفعولاً به، أو اسمع غير مسمع مكروهاً من قولهم أسمعه فلان إذا سبه، وإنما قالوه نفاقاً. {وراعنا} انظرنا نكلمك أو نفهم كلامك. {لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ} فتلا بها وصرفا للكلام إلى ما يشبه السب، حيث وضعوا راعنا المشابه لما يتسابون به موضع انظرنا وغير مسمع موضع لا أسمعت مكروهاً، أو فتلا بها وضماً لما يظهرون من الدعاء والتوقير إلى ما يضمرون من السب والتحقير نفاقاً. {وَطَعْناً فِي الدين} استهزاء به وسخرية. {وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا واسمع وانظرنا} ولو ثبت قولهم هذا مكان ما قالوه. {لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَقْوَمَ} لكان قولهم ذلك خيراً لهم وأعدل، وإنما يجب حذف الفعل بعد لو في مثل ذلك لدلالة أن عليه ووقوعه موقعه. {وَلَكِن لَّعَنَهُمُ الله بِكُفْرِهِمْ} ولكن خذلهم الله وأبعدهم عن الهدى بسبب كفرهم. {فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً} أي إلا إيماناً قليلاً لا يعبأ به وهو الإِيمان ببعض الآيات والرسل، ويحتمل أن يراد بالقلة العدم كقوله:
قَلِيلُ التَشَكِّي لِلْمُهِم يَصِيبُه *** أَو إِلا قليلاً منهم آمنوا أو سيؤمنون
{يَأَيُّهَا الذين أُوتُواْ الكتاب ءَامِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدّقاً لّمَا مَعَكُمْ مّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا على أدبارها} من قبل أن نمحو تخطيط صورها ونجعلها على هيئة أدبارها، يعني الأقفاء، أو ننكسها إلى ورائها في الدنيا، أو في الآخرة. وأصل الطمس إزالة الأعلام المائلة وقد يطلق بمعنى الطلس في إزالة الصورة ولمطلق القلب والتغيير، ولذلك قيل معناه من قبل أن نغير وجوهاً فنسلب وجاهتها وإقبالها ونكسوها الصغار والإِدبار، أو نردها إلى حيث جاءت منه، وهي أذرعات الشام يعني إجلاء بني النضير، ويقرب منه قول من قال إن المراد بالوجوه الرؤساء، أو من قبل أن نطمس وجوهاً بأن نعمي الأبصار عن الاعتبار ونصم الأسماع عن الإِصغاء إلى الحق بالطبع ونردها عن الهداية إلى الضلالة.
{أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أصحاب السبت} أو نخزيهم بالمسخ كما أخزينا به أصحاب السبت، أو نمسخهم مسخاً مثل مسخهم، أو نلعنهم على لسانك كما لعناهم على لسان داود. والضمير لأصحاب الوجوه أو للذين على طريقة الالتفات، أو للوجوه إن أريد به الوجهاء، وعطفه على الطمس بالمعنى الأول يدل على أن المراد به ليس مسخ الصورة في الدنيا ومن حمل الوعيد على تغيير الصورة في الدنيا قال إنه بعد مترقب أو كان وقوعه مشروطاً بعدم إيمانهم وقد آمن منهم طائفة. {وَكَانَ أَمْرُ الله} بإيقاع شيء أو وعيده، أو ما حكم به وقضاه. {مَفْعُولاً} نافذاً وكائناً فيقع لا محالة ما أوعدتم به إن لم تؤمنوا.
{إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} لأنه بت الحكم على خلود عذابه وأن ذنبه لا ينمحي عنه أثره فلا يستعد للعفو بخلاف غيره. {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ} أي ما دون الشرك صغيراً كان أو كبيراً. {لِمَن يَشَاء} تفضلاً عليه وإحساناً. والمعتزلة علقوه بالفعلين على معنى إن الله لا يغفر الشرك لمن يشاء. وهو من لم يتب ويغفر ما دونه لمن يشاء وهو من تاب. وفيه تقييد بلا دليل إذ ليس عموم آيات الوعيد بالمحافظة أولى منه ونقض لمذهبهم فإن تعليق الأمر بالمشيئة ينافي وجوب التعذيب قبل التوبة والصفح بعدها، فالآية كما هي حجة عليهم فهي حجة على الخوارج الذين زعموا أن كل ذنب شرك وأن صاحبه خالد في النار. {وَمَن يُشْرِكْ بالله فَقَدِ افترى إِثْماً عَظِيماً} ارتكب ما يستحقر دونه الآثام، وهو إشارة إلى المعنى الفارق بينه وبين سائر الذنوب، والافتراء كما يطلق على القول يطلق على الفعل وكذلك الاختلاق.
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ} يعني أهل الكتاب قالوا: {نَحْنُ أَبْنَاء الله وَأَحِبَّاؤُهُ} وقيل: «ناس من اليهود جاؤوا بأطفالهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: هل على هؤلاء ذنب قال لا قالوا: والله ما نحن إلا كهيئتهم ما عملنا بالنهار كفر عنا بالليل، وما عملنا بالليل كفر عنا بالنهار» وفي معناهم من زكى نفسه وأثنى عليها. {بَلِ الله يُزَكّي مَن يَشَاء} تنبيه على أن تزكيته تعالى هي المعتد بها دون تزكية غيره، فإنه العالم بما ينطوي عليه الإِنسان من حسن وقبيح، وقد ذمهم وزكى المرتضين من عباده المؤمنين. وأصل التزكية نفي ما يستقبح فعلاً أو قولاً. {وَلاَ يُظْلَمُونَ} بالذم أو العقاب على تزكيتهم أنفسهم بغير حق. {فَتِيلاً} أدنى ظلم وأصغره، وهو الخيط الذي في شق النواة يضرب به المثل في الحقارة.
{انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ} في زعمهم أنهم أبناء الله وأزكياء عنده. {وكفى بِهِ} بزعمهم هذا أو بالافتراء. {إِثْماً مُّبِيناً} لا يخفى كونه مأثماً من بين آثامهم.


{أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين أُوتُواْ نَصِيباً مّنَ الكتاب يُؤْمِنُونَ بالجبت والطاغوت} نزلت في يهود كانوا يقولون إن عبادة الأصنام أرضى عند الله مما يدعوهم إليه محمد. وقيل في حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف في جمع من اليهود خرجوا إلى مكة يحالفون قريشاً على محاربة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: أنتم أهل كتاب وأنتم أقرب إلى محمد منكم إلينا فلا نأمن مكركم فاسجدوا لآلهتنا حتى نطمئن إليكم ففعلوا. والجبت في الأصل اسم صنم فاستعمل في كل ما عبد من دون الله. وقيل أصله الجبس وهو الذي لا خير فيه فقلبت سينه تاء. والطاغوت يطلق لكل باطل من معبود أو غيره. {وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ} لأجلهم وفيهم. {هَؤُلاء} إشارة إليهم. {أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً} أقوم ديناً وأرشد طريقاً.
{أُوْلَئِكَ الذين لَعَنَهُمُ الله وَمَن يَلْعَنِ الله فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيراً} يمنع العذاب منه بشفاعة أو غيرها.
{أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مّنَ الملك} أم منقطعة ومعنى الهمزة إنكار أن يكون لهم نصيب من الملك وجحد لما زعمت اليهود من أن الملك سيصير إليهم. {فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ الناس نَقِيراً} أي لو كان لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون أحداً ما يوازي نقيرا، وهو النقرة في ظهر النواة. وهذا هو الإغراق في بيان شحهم فإنهم إن بخلوا بالنقير وهم ملوك فما ظنك بهم إذا كانوا فقراء أذلاء متفاقرين، ويجوز أن يكون المعنى إنكار أنهم أوتوا نصيباً من الملك على الكناية، وأنهم لا يؤتون الناس شيئاً وإذا وقع بعد الواو والفاء لا لتشريك مفرد جاز فيه الإلغاء والإِعمال، ولذلك قرئ فإذاً لا يؤتوا الناس على النصب.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11